Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

najibmuslim

13 mai 2008

جديد أسئلة على شكل إمتحانات وأجوبة لرواية اللص والكلاب

اللص والكلاب


السؤال الأول:
أ‌- هناك من يرى أن الكلاب في الرواية ترمز إلى بعض الشخصيات والقوى _ وضح ذلك.
ب‌- إلى أي مدى تنطبق هذه الأسماء على مسمياتها: (سعيد مهران رؤوف علوان، نور ) اشرح معتمدا، على سلوك هذه الشخصيات
السؤال الثاني:
أ‌- ما هي النهاية التي أل إليها "سعيد مهران"؟
ب‌- ما هي الفكرة المركزية للرواية، وكيف ترتبط هذه النهاية بها؟
السؤال الثالث:
أ‌- يعتمد العمل القصصي عادة على شكل من أشكال الصراع. بين أطراف هذا الصراع في رواية اللص والكلاب، ثم اشرح أسبابه ومظاهره، وكيف انتهى. (صيف 1993)
السؤال الرابع:
"
أنت لا تنخدع بالمظاهر فالكلام الطيب مكر والابتسامة شفة تتقلص والجود حركة دفاع من أنامل اليد ولولا الحياء أذن لك بتجاوز العتبة. تخلقني ثم ترتدء تغير بكل بساطة فكرك بعد أن تجسد في شخصي، كي أجد نفسي ضائعا بلا أصل وبلا قيمة وبلا أمل، خيانة لئيمة لو أنك المقطم دكا ما شفيت نفسي. ترى أتقر بخيانتك ولو بينك وبين نفسك أم خدعتها كما تحاول خداع الآخرين؟ ألا يستيقظ ضميرك ولو في الظلام؟
يعتبر اقتباس أعلاه حواراً داخلياً (مونولوج) يخاطب فيه سعيد مهران نفسه أولاً ثم شخصية أخرى:
أ‌- من هي هذه الشخصية، وما هي علاقته بها؟ وضح مبينا كيف أثرت هذه العلاقة على مصير سعيد مهران في نهاية الرواية.
ب‌- ما هي وظائف الحوار الداخلي في هذه الرواية؟ وضح معتمدا على الاقتباس أعلاه وعلى أحداث الرواية.(صيف 1995)
السؤال الخامس:
"
بل هاتوا أمها. كم أرغب أن تلتقي العينتان. كي أرى سراً من أسرار الجحيم. الفأس والمطرقة. وقام عليش ليجئ بها. وعندما ترامي وقع الأقدام القادمة خفق قلب سعيد خفقه موجعة وتطلع إلى الباب وهو يعض على باطن شفته. مسح تطلع شفق وحنان جارف جميع عواطف الحنق. وظهرت البنت بعينين داهشتين بين يدي الرجل، ظهرت بعد انتظار طال ألف سنة. وتبدت في فستان أبيض أنيق وشبشب أبيض كشف عن أصابع قدميها المخضوبتين. وتطلعت بوحه أسمر وشعر أسود مسبسب فوق الجبين فالتهمتهما روحه وجعلت تقلب عينيها في الوجوه بغرابة، وفي وجهه خاصة باستنكار لشدة تحديقه ولشعرها بأنها تدفع نحوه، وإذا بها تفرمل قدميها في البساط وتميل بجسمها إلى الوراء. لم ينزع منها عينيه ولكن قلبه انكسر، انكسر حتى لم يبق فيه إلا شعور بالضياع. كأنها ليست بابنته، رغم العينين اللوزيتين والوجه المستطيل والانف الاقنى الطويل. ونداء الدم والروح ما شأنه؟ أم هو الآخر قد خان وغدر؟ وكيف له رغم ذلك كله بمقاومة هذه الرغبة الجامحة في ضمها إلى صورة حتى الفناء؟"
أ‌- ما هو الحدث المركزي الذي يرد في هذا المقطع، وأين يقع في سياق الرواية؟ اشرح ثم بين تأثيره على الأحداث التالية.
ب-جاء في نهاية الاقتباس: " أم هو الآخر قد خان وغدر؟" من هو هذا "الآخر " المتهم بالخيانة، وما هو وجه الخيانة، ومن يشاركه فيها؟ وضح.
ج-في المقطع أعلاه يخاطب سعيد مهران نفسه (مونولوج) أذكر اثنين من الميزات الفنية لهذا المونولوج ومثل لكل منهما بمثال واحد.(صيف 1996)
الاجابات
لسؤال الأول:
أ‌- الكلاب في رواية اللص والكلاب ترمز إلى قوى الشر والخيانة والغدر مثل رؤوف علوان وعليش ونبوية وابنته والسلطة.
ب‌- تنطبق هذه الأسماء على مسمياتها سلبا:
1-
سعيد مهران لم يكن سعيداً بل كان تعيسا يعاني من المشاكل الكثيرة كما لم يكن مهران حيث فشل في قتل الكلاب.
2-
رؤوف علوان – لم يكن رؤوفا في النهاية حيث أثار الرأي العام ضد سعيد مهران مع العلم أنه شجع سعيد مهران في البداية على السرقة ولكنة يعود ليتنكر له الآن بعد أن خرج من السجن.
3-
نور تمثل النور في حياة سعيد مهران ولكنها بالمقابل تحترف البغاء وهي فتاة ليل.
السؤال الثاني:
النهاية: الفشل والاستسلام بعد أن طوقته الكلاب الحقيقية.
الفكرة المركزية قد تكون: تحقق العدالة أو تحقق الذات من خلال الانتقام، أو إقامة التوازن بين الروح والجسد... وقد فشل سعيد في تحقيق ذلك كله، بسبب لجوئه إلي الحل الفردي، ولأن الانتقام وحده يعمي عن رؤية كافة الأبعاد، ولأنه لم يعط القيمة الروحية دورها الذي تستحقه.
السؤال الثالث:
أطراف الصراع: الطرف الأول – سعيد مهران، نور، علي الجندي.
الطرف الثاني – عليش ورؤوف علوان وزوجة سعيد مهران والسلطة.
أسبابه: المعركة مع عليش، محاولة قتل رؤوف، الصراع مع السلطة
السؤال الرابع:
أ‌- الشخصية: رؤوف علوان، علاقة سعيد مهران بهذه الشخصية علاقة التابع بالمتبوع.
على الطالب أن يبين أنهما عملا معا وآمنا بنفس المبادئ وأنتميا إلى نفس التيار السياسي وكانت تربطهما صداقة أكثر من علاقة العمل والزمالة وفي النهاية اكتشف سعيد أن علوان تنكر لمبادئه وهذا التنكر دفعه إلى محاولة الانتقام التي انتهت بالفشل.
ب-من أهم وظائف الحوار الداخلي:
_
استعادة الماضي الذي عاشه سعيد مهران قبل دخوله إلى السجن، وهذا يشكل خلفيه أساسية لفهم أحداث الرواية فيما بعد.
_
المقارنة بواسطة المونولوج يقارن مهران بين ماضيه وحالته الراهنة وأيضا حاضر الشخصيات، يعطي للقارئ معلومات إضافيه كافية عنه وعن الشخصيات.
_
اتخاذ قرارات مستقبلية.
_
عتاب مباشر وحاد يوجهه إلى "علوان" يشير الحوار إلى أن "سعيد" نفسه، وهذا يدل على غياب الصلة بينه وبين غيره من الشخصيات ويظهر ضعفه وتذلله.
_
إخفاء نوع من الصدق حيث يتحدث الإنسان مع نفسه بصراحة.
السؤال الخامس:
أ- الحدث المركزي: التقاء "سعيد " صديقه "عليش" بعد خروجه من السجن ومحاولة لم الشمل للعائله من جديد، وهذه محاولة لم تنجح فابنته لم تعرفه وزوجته تزوجت من غيره. ومع فشل محاولة لم الشمل بدأت الأحداث بنيّة سعيد مهران بالانتقام والمحاولات المتكررة الفاشلة وهكذا حتى وصل إلى النهاية المأساوية _ خضوعه للشرطة والكلاب.
‌ب- (الآخر) هو "نداء الدم والروح" وتشير كلمة الآخر إلى خيانة اخرى، من نوع آخر وكانت قد أشغلته وهي خيانة الصداقة والمبادئ التي نشأ عليها.
أوجه الخيانة:
الخيانه الأولى: خيانة عامة، على الصعيد العام، فكرية (خيانة الاصدقاء والمبادئ).
الخيانة الأخرى: خيانة خاصة على الصعيد الخاص (شخصيه، ذاتيه خيانة نفسه لرابط الدم والروح/ خيانة الابنة وامها لرابطة الدم والروح)
طرفا الخيانة هما: هو خان رابطة الدم والروح (تجاه ابنتة وزوجته)، الأم والابنة خانتا رابطة الدم والروح (العلاقة تجاه الاب).
ج- على الطالب أن يذكر اثنين من ميزات المونولوج مثل: المزج بين الضمائر، التداعي المعنوي، أسئلة بلاغية وأسئلة تعبر عن اضطراب، جمل قصيرة. (مع إعطاء أمثلة من النص الوارد).

الموضوع الثاني للآسئلة
1-
اشرح سلوك الشخصيات من خلال رواية اللص والكلاب متطرقـًا الى اسماء الشخصيات وما ترمز اليه ؟؟؟!

2-
يكثـُر في اللص والكلاب استعمال المونولوج وهذا يكثـُر في ادب اللاوعي تحدث عن هذا الاسلوب مدعمـًا اقوالك بالامثلة ؟؟؟! ( 3 امثلة اقلها ) .

3-
ما رأيك في عنوان الرواية "اللص والكلاب" الى ماذا ترمز اقترح عنونـًا اخر تراه ملائمـًا واشرح سبب اختيارك ؟؟؟!
الاجوبة

السؤال الاول

1-
بطل الرواية سعيد مهران:
وهو شخصية مدورة تتطور بتطور احداث الرواية.. وهو يمثل سفاح الاسكندرية الثائر على مجتمعه الخائن, اللص النبيل الذي يسرق الاغنياء لاجل الفقراء, فنراه بداية مع خروجة من السجن مشبعا بافكار الانتقام فقد دخله بسبب خيانة زوجته واقرب اعوانه له. الا انه خرج من السجن ليكتمل مثلث الخيانة, زوجته, مساعده ومثله الاعلىرؤوف علوان- وفوق هذا انكرته ابنته... ضحية زمانه وعصره, اراد الانتقام.. قرر السرقة ممن خانه اولا ففشل.. عاد ليقتل الكلاب الخونة فاضحت رصاصته في صدر بريئ..استعان بنور والشيخ ليتخطى محنته الا ان الانتقام لم يفارقة, فعاد ثانية ليقتل.. ومرة اخرى استقرت الرصاصة في صدر بريئ.. اصبح مطارد من الشرطه, بطلا قوميا في اعين الشعب.. ولكن فقد الامل في الشيخ وفي نور..
2-
رؤوف علوان:
وهو رمز لخيانة من نوع "راق". فهو المثقف الفقير الذي قبل ان يبيع اخلاقة لاعلى شار..
ونلحظ اهمية هذه الشخصية في حياة سعيد مهران. فبداية هو الذي علمه وزرع في ذهنه ان السرقة من الاغنياء حلال.. بل هي واجب.. فخرج سعيد وتوجه اليه قائلا في ذاته: "رؤوف علوان هو رؤوف علوان بالرغم من السكرتارية الزجاجية والفيلا العجيبة"
ولكنه لم يجد رؤوف علوان هو ذاته رؤوف علوان بل قد باع اخلاقة لاجل المال.. لاجل الفيلا العجيبة. فيكتمل معه مثلث الخيانة.
الشيخ علي الجنيدي:
ورغم كونه شخصية مسطحة الا انه ذا اهيمة كبرى في الرواية. فصحيح انه لا يؤثر على قرارات وافعال سعيد مهران, الا انه يعتبر المرفا الذي يلجا اليه مهران عند انعدام الوسيلة, والشيخ هنا يمثل لنا الدين.. التصوف. وسعيد حاول اللجوء اليه بداية الا انه لم يجد مبتغاه لديه ولكن نرى انه عند يأسه, عند وصوله للقاع يلجا, كاي مؤمن صادق, الى بيت الشيخ "المفتوح دائما", ونرى بهذه الشخصية ان الكاتب:"لا يرفض الدين كقوة لها اثرها في توجيه حياة الفرد والجماعة وان كان يرفض الدين على الصورة السلبية الشائعه التي اصبحت تميز المتدينين في عصرنا"
نور:
وهي شخصية مسطحة ايضا لا تتطور مع تتطور الاحداث, وانما نرى ان الكاتب قد وظفها لمساعدة البطل في الوصول لغايته وتسيير الاحداث..
وقد ظهرت في الرواية اول مرة في قهوة طرزان, ومن هناك بدات مساعداتها المستمرة للكاتب, فساعدته اولا بسرقة صديقها ثم فتحت له بيتها ليسكن فيه.. فكأنها نور العطاء في وسط الظلمات, كانها تعبير عن التضحية اللامتناهية في سبيل من تحب..
ولكن نرى ان النور قد خبا في النهاية بلا مقدمات, اذ اختار الكاتب ان ينهي دورها دون ان يعلم احد سببا لذلك.
سعيد مهران = تعيس
نبوية = خائنة – اي على رغم اشتقاق الاسم من اسم النبي (ص) الا انها لعكس
رؤوف علوان = الاول من اسماء الله والثاني من العلو الا انه اظهر انحطاطا في القيم والاخلاق
نور= على الرغم من انها ساعدت سعيد مهران وارادت له الهرب والتوقف عن القتل الا انها زانية.
سناء= اي شعاع ضوء ونرى ان سعيد مهران طوال الرواية لم يرد الا سناء.. فهي كانت شعاع الضوء في حياته
طرزان= لعيشة منفردا كانه في غابة
عليش= وتعني الذئب وهكذا هو غادر كالذئب.
ومن أكثر الخصاسص الفنية اللغوية البارزة في هذه الرواية هي الرمزية. فنرى مثلا الكلاب ترمز للخونة , سعيد مهران هو" رمز للمظلوم في المجتمع, لضياع الانسان الباحث عن قيم الحياة... "
السؤال الثاني :
:"
قد استخدم تيار الشعور ومناجاة الذات بمختلف الضمائر" واستخدام ذلك قد خدم وسد ثغرات كثيرة فمثلا بهذا المنولوج عاد مهران الى الزمن الماضي –حياته قبل السجن- مما اعطى القارئ خلفية عن حياته, واضافة الى ذلك فان المقارنه التي كان يجريها مهران خلال حديثه مع ذاته قد زاد من خلفيتنا النظرية حول حياة ومعاناة مهران.وعلاوة على اعطاء هذه الخلفية وتقريب البطل الى نفسية القارئ فمن خلال المنولوج نستطيع ان نتوقع اعمال البطل اذ انه يخطط لما سيفعل. ومن ميزات هذا الحوار الداخلي او المونولوج التنقل بلا سابق انذار بين الضمائر على اختلافها, واستخدام الاسئلة البلاغية التي تظهر مدى بلبلته وعدم استقرار كيانه, اضافة الى الجمل القصيرة نسبيا..
امثلة:
(
بل هاتوا.. كم أرغب.. ان تلتقي... أم هو الاخر قد خان وغدر... ما شانه.. كيف له.. بل هاتوا امها.. وقام عليش ليجيء بها..*
السؤال الثالث
اللص والكلاب اذ قد " وفق في استخدامه لكلمة الكلاب بمعناه المادي المعروف وبمعنى الخونة والانتهازيين في معظم الاحيان"

Publicité
Publicité
13 mars 2008

امتحان القبر

اختبار العقيدة الصادقة هو الاختبار الذي سنمر عليه جميعاً دون أي استثناء، وذلك في القبر. وهو اختبار يختلف تمام الاختلاف عن اختبارات الدنيا، فأسئلة هذا الاختبار معروفة ومعلومة عند الجميع، ولكن لن يتجاوز هذا الامتحان إلا من وفقه الله إلى العمل الصالح في الدنيا. اهتمام الناس باختبارات الدنيا وغفلتهم عن اختبار القبر إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. معاشر المسلمين! غداً يدخل البنون والبنات قاعات الامتحانات، وإننا لنرى من الاستعدادات في البيوت الشيء الكثير، فقد تغيرت مواعيد الطعام والشراب، وتغيرت مواعيد الاستيقاظ ومواعيد المنام، والآباء في قلق والأمهات على حذر، والبنون والبنات أعصابهم متوترة، والبنون يكثرون من المكوث في المساجد والدعاء بعد الصلوات، وطلب الدعاء من فلان ومن فلان، لماذا؟ غداً الامتحانات.. غداً الامتحانات.. غداً الامتحانات. أقول: أربعوا على أنفسكم، فما من امتحان إلا وهناك امتحان أصعب وأشد منه، وهذه القضية هينة، فمن استعد منذ بداية العام فلن يحمل هماً؛ لأنه على مدى العام على أتم الاستعداد، وعلى ثقة برب العالمين أنه سيكون معه وسيثبته ويؤيده، فهو متثبت من نفسه، وأما من فرط وسوّف وأخر حتى قبيل الامتحانات بأيام فهذا حاله لا يعلم به إلا الله، ومن جدَّ وجد ليس كمن نام ورقد، ومن طلب العلا سهر الليالي، وقضية الاستعداد للامتحان لا تأتي قبل الامتحان بيوم أو بيومين، فالقضية فضية استعداد منذ بداية العام. فأقول: أربعوا على أنفسكم، فمن وفق فبتوفيق من الله تبارك وتعالى، ومن لم يوفق فليرض بقضاء الله وقدره، وإمكانية التعويض موجودة، فهناك دور أول ودور ثان، وإن لم يوفق في الدور الثاني فهناك فرصة أن يعيد العام مرة ثانية. وماذا سيتقرر على النجاح في هذه الامتحانات؟ انتقال من مرحلة إلى مرحلة، ثم ماذا؟ إن أنهى السنوات الدراسية سيتقدم إلى الوظيفة التي سوف تدر عليه في كل شهر آلاف معدودة من الريالات، ثم على فرض أنه وفق ونال الشهادة ونال الوظيفة ماذا بعد هذا كله؟ غداً سيدخل البنون والبنات قاعات امتحانات مجهزة ومكيفة، فالإضاءة فيها على أكملها وأوجها، وتقرأ عليهم الأسئلة، ويهون عليهم من أمرها، ويمر عليهم من يخدمهم ويسقيهم الماء البارد، ويذكرونهم أن الوقت كذا وكذا، فالأمر هيّن، لكن كيف بي وبك وقد انتقلنا إلى لجنة اختبارات أخرى، وإلى قاعة امتحانات أخرى، وإلى لجان غير اللجان التي نعرفها، إنه مكان امتحان سيدخله القاصي والداني، ولا فرق هناك بين غني وفقير، ولا ذكر وأنثى، ولا عزيز وذليل. فاللجنة هناك تختلف تمام الاختلاف، ومكان الاختبار أيضاً يختلف تمام الاختلاف. كيف بك إذا عالجت سكرات الموت وبدأت ساعات الامتحان الرهيبة؟ ساعات لا بد أن تنزل بكل واحد منا، فأنت الآن تفعل كل شيء باختيارك، فتغدو إلى السوق باختيارك، وتذهب إلى الوظيفة باختيارك، بل وتأتي إلى المسجد باختيارك، لكنك لن تموت باختيارك، ولن تدخل القبر باختيارك، بل ستموت رغماً عنك، وستدخل القبر بغير رضاك، فهذا هو الامتحان الذي لا بد أن نستعد له في كل لحظة، فإن كانوا قد حددوا لامتحان الدنيا موعداً فامتحان القبر ليس له موعدٌ معين، بل يأتيكم بغتة وأنتم لا تشعرون، فاللجنة هناك تختلف تمام الاختلاف، والمكان أيضاً يختلف تمام الاختلاف. فمكان الاختبار: (القبر) طوله أذرع قليلة، وعرضه أذرع قليلة، ولا تستطيع الحركة فيه كما تشاء، وهذا الامتحان أنت لا تدري كيف ستكون النتيجة فيه، لكنك على مدى عمر كامل وأنت تستعد لذلك الامتحان. وأسئلة الامتحان معروفة أعطيتها وتعطاها في كل يوم، وهي أسئلة ثلاثة ستقدم لك في ذلك المكان، والنور والإضاءة غير موجودة، وليس هناك خدمة ولا مكيفات، بل سينقطع عنك الهواء وينقطع كل شيء، وستنقطع عن العالم تماماً، فأنت الآن في عالم آخر وهو عالم القبور، وأنت في عالم الظلمة والتراب الذي يحيط بك من كل الجهات، وأنت لا تدري ماذا سيحدث لك في تلك اللحظات، لكنك أعطيت أسئلة ثلاثة حتى تستعد للإجابة عليها في ذلك الوقت، فمن أفلح في الإجابة عنها فقد فاز، ويرى مقعده من الجنة، ومن لم يفلح وتردد وتلعثم في الإجابة أري مقعده من النار. وهناك لا مجال للتعويض، فلا يوجد هناك دور ثانٍ تعطاه، فقد أعطيت الفرصة عمراً كامل قدر الثلاثين أو الأربعين أو الخمسين أو الستين سنة؛ حتى تستعد للإجابة. واللجنة هناك ليست كلجان القاعات فيها بشر أمثالنا نتكلم معهم ويتكلمون معنا، ويهونون علينا الأمر، بل هناك ستوسد التراب، وسيحيط بك الظلام من كل ناحية، وسيذهب عنك الأهل والأحباب يا مسكين! وستسمع قرع نعالهم وسينادى عليك: ذهبوا وتركوك، وفي التراب وضعوك، وللسؤال عرضوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولن ينفعك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت، وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ [ق:19]، فالحق أنك ستموت، والحق أن الملائكة ستأتيك: إما ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب، والحق أنك ستعرض للسؤال، والحق أنك سترى جنة أو ناراً، فكيف سيكون الحال؟! وكيف سيكون السؤال؟! بل ليت شعري كيف سيكون الجواب؟! وأين سيكون المصير؟! وهل سترى مقعدك من الجنة أم سترى مقعدك من النار؟! إن ساكن الدنيا لا بد أن يعلم أنه سينتقل من هذه الدار إلى دار أخرى، يا ساكن الدنيا! إن مثواك القبر غداً، فماذا أعددت للقبر؟ إن القبر كل يوم يناديك: يا ابن آدم! تمشي في جماعة على الأرض وسوف تقع وحيداً في بطني، وتسرح وتمرح وتضحك على الأرض وسوف تبكي وحيداً في بطني. يا ابن آدم! تأكل الحرام، وتأكل أموال اليتامى، وتأكل أموال الربا وسوف يأكلك الدود وحيداً في بطني. يا ابن آدم! تنظر إلى الحرام، وتسمع إلى الحرام وسوف ترى الأهوال في بطني. والقبر فاذكره وما وراءه فما لأحد عنه براءة وإنه للفيصل الذي به يعرف ما للعبد عند ربه والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران فالأسئلة معروفة يعرفها الصغير والكبير: من ربك؟ وما دينك؟ ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ إنه اختبار للتوحيد، واختبار للصدق، واختبار لصدق الاتباع، إنها رحلة سيمر بها كل إنسان منا شاء أم أبى، رحلة تبدأ منذ الاحتضار، بل منذ أن تخرج من هذه الحياة، فقد خرجت من بطن أمك وأنت تبكي على فراق بطن أمك، فلما رأيت النور فرحت أنك قد خرجت من بطن أمك، ثم بعد سنوات وسنوات تأتيك ساعات الاحتضار فتنقل من تلك الدار إلى دار أخرى، فإن كنت قد أعددت لها فستفرح أنك فارقت الحياة، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الشورى:36] ثم ستنتقل أيضاً من تلك الدار إلى الدار الأبدية: إما جنة وإما نار، فهذه مراحل وأطوار يمر بها كل إنسان منا. أنت الذي ولدتك أمك باكياً والناس حولك يضحكون سروراً فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً ...... حديث البراء الطويل في اختبار القبر عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (بينما كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ولما يلحد بعد، جلسنا عند شفير القبر، وكان بيده صلى الله عليه وسلم عصا نكت فيها على التراب ثلاثاً، ثم قال: استعيذوا بالله من عذاب القبر، استعيذوا بالله من عذاب القبر، ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة، -يعني في ساعات الاحتضار- جاءته ملائكة بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، وجلسوا منه مد البصر، ثم جاء ملك الموت فيجلس عند رأسه، فيقول: يا أيتها النفس الطيبة! اخرجي إلى رب راض عنك غير غضبان، أيتها النفس الطيبة! أبشري بروح وريحان، ورب راض غير غضبان، فتسل روحه كما يسل القطر من السقاء، حتى إذا قبضها ملك الموت لم تدعها الملائكة في يده طرفة عين حتى يلبسوه الكفن الذي من الجنة، ويحنطوه بالحنوط الذي من الجنة، فتخرج منه رائحة كأطيب رائحة مسك وجدت على وجه الأرض، فما يمر على ملأ من الملائكة إلا قالوا: من صاحب هذه الروح الطيبة؟! فيقال: هذا فلان بن فلان، ينادى عليه بأحب أسمائه التي كان ينادى بها في الدنيا، ثم يعرج به إلى السماء، حتى إذا جاءوا إلى السماء الأولى واستفتحوا له فتح له، وشيعه مقربو تلك السماء إلى السماء التي تليها، حتى إذا بلغوا السماء السابعة نادى منادي الله: أن اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأرجعوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه في قبره، فيأتيه ملكان) وهنا يبدأ الامتحان يأتيه ملكان أصواتهما كالرعد القاصف، وأنفاسهما كاللهب، وأبصارهما كالبرق الخاطف، فمن منا يستطيع أن يجيب وهذا هو منظر الملكين؟! قال الله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27] (فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ فأما العبد المؤمن -العبد الصادق المحافظ على الصلوات التارك للفواحش والمنكرات- فيقول: ربي الله حقاً، ونبيي محمد صدقاً، وديني الإسلام، فينادي منادي الله: أن صدق عبدي، -تظهر النتيجة- فافرشوا له فراشاً من الجنة، وألبسوه لباساً من الجنة، وحنطوه بحنوط من الجنة، ويوسع له في قبره مد البصر، فيأتيه رجل أبيض الوجه طيب الشمائل فيقول: من أنت؟! فوجهك -والله- الذي لا يأتي إلا بالخير، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، أنا عملك الصالح، فتفتح له نافذة من الجنة، فيأتيه من روحها وريحانها، ويرى مقعده من الجنة، فيقول: رب! أقم الساعة، رب! أقم الساعة، رب! أقم الساعة؛ حتى أرجع إلى أهلي ومالي، فيقال: نم كما تنام العروس) فهذا حال الذي صلى الفجر في جماعة، وهذا حال الذي طهر السمع والبصر فليس عنده أغانٍ ولا شاشات ولا قنوات. إنه اختبار للتوحيد: من ربك؟ فلن يستطيع أن يقول: ربي الله إلا من أطاع الله، وتعرّف على الله، ولم يخش إلا الله، ولم يستعن إلا بالله، ولم يعط إلا لله، ولم يمنع إلا لله، ولم يغضب إلا من أجل الله، حياته كلها لله؛ فيثبته الله، فهو لم يشرك بالله، ولم يذهب إلى سحرة ولا مشعوذين، ولا كهنة ولا عرافين، ولم يقسم إلا بالله، وما قدم النذور إلا لله، وما ذبح إلا لله، ولم يستغث إلا بالله، فسينجح من كان هذا حاله في اختبار التوحيد والصدق. (وما دينك؟ قال: ديني الإسلام) أي: الإسلام المبني على خمسة أركان: على شهادة التوحيد، على إقامة الصلوات، فأين المصلون؟ فصلاة الفجر تئن وتشتكي، وباقي الصلوات تئن وتبكي، والمسلمون يمرون على المساجد كأن الأمر لا يعنيهم، ستسأل يا مسكين! فإذا وسد العبد في قبره جاءته الأعمال الصالحة، وجاءته صلاته، وجاءه قرآنه، وجاءه ذكره وتسبيحه وتهليله يدرءون عنه العذاب، فيرسل الله عليه طائفة من العذاب تأتي من رأسه فيردها القرآن، فيقول: والله! إنه كان في الليل والنهار يقرأ القرآن، والله! إنه أتعب ليله ونهاره وهو يقرأ القرآن، فلا مدخل لك عليه، فيأتيه العذاب من بين يديه فترده الصدقات والصلوات وتقول: عنك والله! ما ارتاح إلا الآن في قبره، حتى وضوءه يدافع عنه في قبره، فماذا أعددنا للامتحان؟! وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان. يا عجباً للناس لو فكروا أ و حاسبوا أنفسهم أبصروا وعبروا الدنيا إلى غيرها فإنما الدنيا لهم معبرُ لا فخر إلا فخر أهل التقى غداً إذا ضمهم المحشر ليعلمن الناس أن التقى والبر كانا خير ما يدخر نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. ...... تابع حديث البراء الطويل في اختبار القبر الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ [فاطر:1] لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، ومن تقوى الله الاستعداد للامتحان، قال جل في علاه: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون:115-116]، فخسارة الآخرة ليست كالخسارة في الدنيا، ولكن الخسارة أن تنادي بأعلى الصوت: رباه! ارجعون، فلا يستجاب لك، وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ [سبأ:54]. وأما العبد الكافر فقال صلى الله عليه وسلم فيه: (أما العبد الكافر إذا كان في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة جاءته ملائكة سود الوجوه، معهم كفن من أكفان النار، وحنوط من حنوط النار، وجلسوا منه مد البصر، فيأتيه ملك الموت فيقول: يا أيتها الروح الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتسل روحه كما ينزع السفود من القطن، فإذا قبضها ملك الموت لم تدعها الملائكة في يده طرفة عين حتى يلبسوه الكفن الذي من النار، ويحنطوه بالحنوط الذي من النار، فتخرج منه رائحة كأنتن رائحة وجدت على وجه الأرض، ثم يعرج به إلى السماء، فما يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: من صاحب هذه الروح الخبيثة؟! فيقال: هذا فلان بن فلان، ينادى بأقبح أسمائه التي كان ينادى بها في الدنيا، حتى إذا وصلوا إلى أبواب السماء واستفتحوا له لم يفتح له، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]) إنها رحلة سأمر بها أنا وأنت شئت أم أبيت، (فيستفتحون له فلا يفتح له، ثم ينادي منادي الله: أن اكتبوا كتابه في سجين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه في قبره، فيأتيه الملكان فيقعدانه فيقولان: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري) ما صلى الفجر في جماعة، ولا حفظ الجوارح والأركان، وما قدر الله حق قدره، (فيقولان: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيضربانه بمطرقة على رأسه فيخر في الأرض سبعين خريفاً، حتى إذا أفاق قالا له: وما دينك؟ قال: هاه هاه لا أدري، فيضربانه حتى يخر في الأرض سبعين خريفاً، فإذا أفاق أقعداه وسألاه: ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: سمعت الناس يقولون كذا وكذا -فتظهر النتيجة- ويقال له: لا دريت ولا تليت، وينادي منادي الله: أن كذب عبدي، فافرشوا له فراشاً من النار، وألبسوه لباساً من النار، وحنطوه بحنوط من النار، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف أعضاؤه، فيأتيه رجل قبيح المنظر نتن الرائحة فيقول: من أنت فوجهك -والله!- الذي لا يأتي إلا بالشر؟ فيقول: أبشر بالذي يسوءك، هذا يومك الذي كنت توعد، أنا عملك السيئ) أنا تركك للصلوات، أنا نومك عن الفجر والعصر، وأنا الأغاني، وأنا الربا، وأنا الغيبة والنميمة، وأنا السب واللعان، وأنا الشاشات والقنوات، فيقول: (من أنت؟ فوجهك -والله- الذي لا يأتي إلا بالشر) وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الشورى:45] فكيف سيكون الحال إذا سئلت وتلعثمت؟ فتطلب الرجوع إلى الله فلا يستجاب لك، أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ [فاطر:37]، فينادون بأعلى الصوت: رباه! ارجعون، فلا يستجاب لهم، (فيفتح له نافذة من النار، فيأتيه من حرها وسمومها، فيقال له: هذا مقعدك من النار، فيصيح بأعلى الصوت: رب! لا تقم الساعة، رب! لا تقم الساعة، رب! لا تقم الساعة). ...... الاستعداد لاختبار القبر بالتوبة والعمل الصالح أنت الآن في فترة الإعداد للاختبار والامتحان، فأسألك بالله العظيم لو جاءك ملك الموت اليوم من الذي يحول بينك وبينه؟ فهل أنت على أتم الاستعداد؟ وهل أعددت للسؤال جواباً وللجواب صواباً؟ هذه أسئلة ثلاثة سأقرؤها عليك، فاكتبها عندك، واستعن بمن تشاء حتى تحل هذه الأسئلة: من ربك؟ وما دينك؟ ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ فهذه هي الأسئلة، وهذا هو الامتحان. فوصيتي لك هي وصية جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وإن عزه استغناؤه عن الناس)، فالعز ليس في الشاشات ولا في القنوات، ولكنه في الدعاء والتضرع في الظُلَم. فكم طلبنا الدشوش -الأطباق- من المصلين مرات ومرات استعداداً للاختبار؟! فما الذي ألهى الناس عن الاستعداد للاختبار؟ أليست هي الشاشات والقنوات التي دمرت أخلاق البنين والبنات!! حتى أصبحت الأعراض والمحارم تنتهك في البيوت، فمن وجد خيراً في قبره فليحمد الله، ومن وجد دون ذلك فلا يلومن إلا نفسه، وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل:118]. وها نحن نكرر النداء: استجيبوا لله وللرسول، اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ [الشورى:47]، فاستجيبوا لله، واستعدوا للاختبار، ولا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله، واستعدوا للامتحان قبل أن تنادوا بأعلى الصوت: رباه! ارجعون، فلا يستجاب لكم. اللهم وفق البنين والبنات في امتحانات الدنيا والآخرة، اللهم ثبتنا وإياهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. اللهم ارحمنا إذا وسدونا، وفي التراب وضعونا، وفي ظلمة القبر تركونا، اللهم ثبتنا بالقول الثابت يا رب العالمين! اللهم اجعل قبورنا روضة من رياض الجنان، ولا تجعلها حفرة من حفر النيران، اللهم ثبتنا بالقول الثابت يا رب الأنام! اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا ربنا من الراشدين! اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم امنن علينا بتوبة نصوح قبل الموت، وبشهادة عند الموت، وبرحمة بعد الموت يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ووالد والدينا، ولكل من له حق علينا. اللهم نور على أهل القبور قبورهم، واغفر لهم وارحمهم ويسر أمورهم، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين يا أرحم الراحمين! واجمعنا وإياهم في جناتك جنات النعيم. عباد الله! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم. ......

13 mars 2008

كيف تصل الينا

عنوان المركز :

عمان – البريمي – شارع الدفاع – مقابل فندق البريمي

رقم الهــاتف :0096825655558

رقم الفاكس : 0096825655632 – 0096825655631

تفاصيل للاتصال تجدها

28 février 2008

نواقض الإسلام

نواقض الإسلام

أبان الشيخ -سدده الله- عن عظيم نعمة الإسلام وجليل قدرها، وأن هذه النعمة تستوجب منا الحرص عليها، والحذر مما يزيلها عنا، وبالتالي لابد أن نتعرف على نواقض الإسلام لنحذرها.

وقد ذكر من ذلك ما اشتهر وذاع، وملأ بشهرته الأصقاع لينتبه منها ولتحذر.

fasil

الإسلام.. وأهمية معرفة نواقضه

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً، أحمده تعالى وأشكره أن هدانا للإسلام: sQoosوَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ[الأعراف:43] . eQoos

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل الإسلام ديناً وأمناً، وسعادةً ونجاةً يوم القيامة، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إمام المرسلين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل.

إخوة الإسلام: لقد أكرمنا الله جلت قدرته، وتباركت أسماؤه وصفاته، بنعمة كبرى، لا مثيل لها في النعم أبداً، إنها نعمة الإسلام التي لا يعدلها أي نعمة، مَن عَقَلَها حقاً عاش في دنياه مطمئن النفس قرير العين: sQoosأَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [الزمر:22].. sQoosفَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ [الأنعام:125] . eQoos

إنه دينٌ كله خير وفضل وإحسانٌ وبر وإخاءٌ وترابط وتراحم، وتواصٍ بالحق، وتواصٍ بالصبر، دينٌ أساسه عقيدة التوحيد، وشعاره المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، دينٌ في غاية الكمال والجمال والجلال، دينٌ شاملٌ لجميع مصالح البشر في معاشهم ومعادهم، فلا خير إلا أمر به، ولا شر إلا نهى عنه، دينٌ وُضِع من لدن حكيم خبير، ثابتاً خالداً، صالحاً لكل زمان ومكان، صامداً صمود الجبال الراسيات، لا يتغير أبداً مهما كاد له الكائدون، وزاد عليه المبتدعون، وتأوَّلوه في غير ما وُضِع له، أو نالوا من أهله: sQoosيُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[التوبة:32] . eQoos

فيا له من نعمة عظيمة يجب عقلها، ورعايتها، وشكرها، وتذكُّرها، والتحدث بها!

يا لها من نعمة يَسْعد ويَعِز بشكرها أقوام، ويَذِل بكفرها آخرون.

فاتقوا الله أيها المسلمون! واشكروا الله أن جعلكم مسلمين، وحققوا إسلامكم بمحبته، والاغتباط به، والعمل بتعاليمه، والدعوة إليه، ورفض كل ما يناقضه ويخالفه.

أمة الإسلام في كل مكان: إن أهم ما يجب على المسلم الموحِّد الحريص على دينه، أن يعرف عقيدته حق المعرفة، كما يعرف ما يناقضها، ولا سيما في هذا العصر الذي جهل فيه كثيرٌ من المنتسبين إلى الإسلام تعاليم دينهم، واشتغلوا بغيره من أمور الدنيا، وفي هذا الزمن الذي تداعت فيه الأمم من كل حَدَبٍ وصوبٍ على المسلمين كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، وضعف فيه ولاء المسلمين لدينهم، وانتشرت بينهم الضلالات والفتن.

فمعرفة نواقض الإسلام من صميم معرفة العقيدة، ولما جَهِلَها أكثر الناس اليوم ولم يعرفوها، وقعوا في الشرك الأكبر والعياذ بالله، وهم يحسبون أنهم مهتدون، وهذه القضية، أعني: قضية العقيدة ونواقض الإسلام يجب أن يهتم بها المسلمون اليوم؛ قادتهم، وعلماؤهم، ومفكروهم، ودعاة الإصلاح فيهم، كما اهتم بها أسلافهم، لا سيما وقد فَشَت واستَشْرَت في كثير من أدعياء الإسلام اليوم، ولا يُهَوِّن من شأنها ويقلِّل منها، ويرى أن غيرها في هذا الزمان أولى منها، إلا مَن هانت عنده العقيدة.

إن الوقوع في نواقض الإسلام أو في بعضها خسارة عظيمة؛ إذ ليس بعد خسارة الإسلام الصحيح خسارةٌ تُذْكَر، وإذا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن مَرَقَ مِن الإسلام لارتكابه ناقضاً من نواقضه، فكيف بهذا الزمان؟! وما أكثر الذين ضل سعيهم في هذه الحياة وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً[الكهف:104]! إما باعتقاد فاسد يعتقدونه، أو بكلمة يقولونها، أو عملٍ يعملونه.

في الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب } وفي صحيح البخاري عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {وإن العبد ليتكلم بالكلمة مِن سَخَط الله تعالى لا يُلقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم } .......

بعض نواقض الإسلام المنتشرة

Real Palyer الاستماع بواسطة

عباد الله: إن نواقض الإسلام كثيرة وأسباب الردة اليوم متعددة، ذكرها العلماء قديماً وحديثاً، أَذْكُر منها ما يكثر وقوعه اليوم في مجتمعاتٍ كثيرة تنتمي إلى الإسلام؛ لنكون على بينة منه لنحذره.

فأعظمها وأخطرها: الشرك في عبادة الله تعالى:

كصرف شيءٍ من أنواع العبادة لغير الله، مثلما يُفعَل اليوم عند الأضرحة من التقرب إلى الموتى بطلب الحاجات منهم، وصرف النذور والذبائح لهم، وهذا واقعٌ اليومَ بل وكثير فيمن يدَّعون الإسلام والعياذ بالله.

ومن نواقض الإسلام: أن يجعل المرء بينه وبين الله وسائط؛ يدعوهم، ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم، كما يفعله كثيرٌ من الجهلة وأرباب الخرافة، فيمن يسمونهم بالأولياء، وما أشبه الليلة بالبارحة، فما أشبه هؤلاء بمشركي القرون الأولى القائلين: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر:3] .

ومن نواقض الإسلام: عدم تكفير المشركين، أو الشك في كفرهم، أو تصحيح مذهبهم، وتفضيل مبادئهم على مبادئ الإسلام:

كحال كثير من المفتونين بكفار اليوم، والمعجبين بهم نتيجة عملٍ من أعمال الدنيا الفانية، وما أكثر الذين ينادُون اليوم باللحوق بالكفار، والتخلي عن الإسلام، ويصِمُونه بأنه وراء كل تَخلف وتأخُّر: وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ[الأحقاف:28] .

ومن نواقض الإسلام: اعتقاد أن غير هَدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل مِن هديه، أو أن حكم غيره أحسن مِن حكمه، كما عليه كثيرٌ من أرباب الطرق المنحرفة، والمذاهب الطاغوتية.

ومن أسباب الرِّدَّة عن الإسلام المنتشرة في صفوف كثيرٍ من أدعياء الإسلام اليوم: الاستهزاء بالدين، أو سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وكثيراً ما هاجم أعداء المسلمين قديماً وحديثاً شريعةَ الله، بالاستهزاء بها، أو بشيء منها، وتنقيص أهلها، والسخرية بهم، عن طريق أعمالهم وأقوالهم وأقلامهم والعياذ بالله: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[التوبة:65-66] .

فاتقوا الله عباد الله!

ألا وإن من نواقض الإسلام اليوم: اعتناق كثير من المبادئ الهدامة، والطرق المنحرفة المناهضة للإسلام، فمن صوَّب شيئاً منها أو دافع عنه، أو ظاهر أهله على المسلمين، فقد ارتد عن دين الإسلام.

ومن نواقض الإسلام المنتشرة بين صفوف كثيرٍ من المسلمين اليوم: ترك الصلاة؛ فتارك الصلاة إما أن يكون تركها جحداً لوجوبها فذلكم كافرٌ بإجماع العلماء، وإما أن يكون تركها تهاوناً وتكاسلا، فهذا يُدعى لها ويُؤمر بها؛ فإن أقامها كان من المسلمين، وإن أصر على تركها فهو من الكفار والعياذ بالله.

أخرج الإمام مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة } .

وأخرج الإمام أحمد وأهل السنن عن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر } .

ولقد عم هذا البلاء اليوم، وكثر الناس الذين لا يؤدون عمود الإسلام، وهم يقيمون مع المسلمين ويتَسَمَّون بالإسلام، فهؤلاء والعياذ بالله مرتدون عن دين الله، وعلى المسلم أن يرعى واجب الله فيهم، وأن يناصحهم، وأن يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، أو يقاطعهم.

فاعرفوا نواقض دينكم يا عباد الله! وما أكثرها! وإلى الإسلام من جديد!

أيها المسلمون: إلى الإسلام يا مَن تخليتم عنه، أو عن بعضه!

إلى الإسلام يا من وقعتم في شيء من نواقضه!

اللهم بصرنا بالإسلام، وثبتنا عليه.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.......

حقيقة الإسلام وخطر الجهل بنواقضه

Real Palyer الاستماع بواسطة

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى: وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:102] واعلموا أنكم في زمان غدا الإسلام فيه غريباً بين أهله، غريباً حتى بين المنتسبين إليه، وزَعَمَ الإسلامَ مَن هو منه براء، وأصبح الإسلام ويا للأسف مطية لكل ناعق، ولكل ضال والعياذ بالله، وتسمى به الموحد والمخرف، والمتبع والمبتدع، والمحق والمبطل.

إن الإسلام ليس مجرد دعوى بلا حقيقة، وإن ارتكاب ناقضٍ من نواقض الإسلام كفيلٌ بأن يزيح هذا الشرف العظيم عن فاعله، ولو أدى كثيراً من شعائره، أو حُسِب على المسلمين وهو في الحقيقة ليس منهم.

إنه لأمرٌ خطير، وموقفٌ دقيق، يحتاج إلى بصيرة نافذة، وأُفُقٍ واسع، يحصل به الفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والاتباع والابتداع؛ إذ كثيراً ما يلتبس هذا الموقف على كثيرٍ من الناس اليوم بسبب جهله بنواقض الإسلام، وأسباب الردة، فيظن أن مَن أدى شيئاً من شعائر الإسلام صار مسلماً، ولو ارتكب شيئاً من المكفِّرات، وهذا الظن الفاسد إنما نشأ من الجهل بحقيقة الإسلام وما يناقضه، وهذا واقعٌ مؤلم يعيشه كثيرٌ من الناس في عصرنا هذا، ممن لا يميزون بين الحق والباطل، فصاروا يطلقون اسم الإسلام على مَن يؤدي بعض شعائره، ولو ارتكب ألف ناقضٍ والعياذ بالله.

نسأل الله تعالى أن يهدي المسلمين جميعاً إلى صراط الله المستقيم.

وصلوا وسلموا رحمكم الله على نبينا محمد كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] .

وقال صلى الله عليه وسلم: {مَن صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً } .

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد.

وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وارضَ عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين يا رب العالمين.

اللهم آمِنا في أوطاننا، وأصلح واحفظ أئمتنا وولاة أمورنا.

اللهم استعمل على جميع المسلمين خيارهم.

اللهم استعمل عليهم من يطبِّق شريعتك يا رب العالمين.

اللهم وفق المسلمين والمسلمات لما تحب وترضى.

اللهم اهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك فوق كل أرضٍ وتحت كل سماء.

اللهم كن لهم ولا تكن عليهم يا رب العالمين.

اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين من اليهود والنصارى والملحدين وأتباعهم يا رب العالمين.

اللهم عليك بهم عاجلاً غير آجل.

اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يُرَد عن القوم المجرمين.

ربنا اغفر لنا، ولوالِدِينا، ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.......

28 février 2008

دعاء ختم القرآن الكريم - أحمد العجمي

eQoosالحمد لله الذي خلق الكون فنظَّمه، وخلق الإنسان وكرَّمه، وسنَّ الدين وعظَّمه، ووضع البيت وحرَّمه، ورفع النجم وسوَّمه، وسخر الطير وألهَمه، وسير السحاب وكوَّمه، وبعث العظم ورمَّمه، وأنزل الكتاب وأحكَمه، ورفع القمر وقوَّمه، وخلق النحل وفهَّمه، وحفظ إبراهيم من النار وسلَّمه، ونادى موسى وكلَّمه، ووهب سليمان ملكاً وفهَّمه، وأرسل محمداً بالحق وعلَّمه.

سبحانه ما أعلى مكانه وأعظَمه! وما أكثر جوده وأكرَمه! وأعزَّ سلطانه وأقدَمه! وما أعظم لطفه وأرحَمه! سبحانه من إلهٍ حليمٍ ما أعظَمه!

صدق الله العظيم الذي أمات وأحيا، وأضحك وأبكى، وأنزل الماء وأجرى، وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى [النجم:49] ، له الحمد في الآخرة والأولى، وله الحمد ما أعطى وما أهدى، وهو الذي أخرج المرعى، وله المآل وإليه المنتهى، وعد المؤمنين المتقين جنة المأوى، لهم ما يشاءون فيها خالدين، وعد الله ومن أصدق من الله وأوفى، لهم فيها من الحور عين وخمر مصفى، لا يكدر ساكنها ولا يشقى، ويشرب من حوض النبي ويهنى، هذا جزاء من أحسن واتقى، وأما من طغى، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:38-39] لهم فيها عذاب شديد لا يُقْوَى، يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً [الطور:13] يوم يسحبون على وجوههم إلى نار جهنم وبئس المثوى، لهم طعام من غسلين، وشجرة الزقوم لهم حلوى، لهم فيها من الحيات والآفات ما لا يزول ولا يفنى، لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [المائدة:80] وغضب عليهم وجعل النار لهم مأوى.

فيا لخسارة مَن تكبَّر على ربه وغوى! ويا لندامة من عتى عن أمر ربه وطغى! وسبحان الله الذي لا ينام ولا ينسى! وسبحانه حي قيوم لا يموت ولا يبلى!

صدق الله العظيم الكبير المتعالي، صدق الله الذي لا تعجزه ظلمات الليالي، صدق الجبار الذي أرسى الجبال العوالي، سبحانه من إلهٍ عظيمٍ يغفر الذنوب ولا يبالي! لا إله إلا الله! بها نحيا وبها نموت، وبها نلقى الله، وبها نوالي.

صدق الله العظيم القديم الأزل، يغفر الذنب ويعفو عن الزلل، تنزَّه مولانا عن النقص والعلل، جبار قوي لا يكل ولا يمل، بسط الأرض بقدرته وأرسى الجبل، خلق السماوات والأرض بالحق ولم يتركنا في همل، لا يعزب عنه مثقال ذرة في واد أو سهل، سبحانه من إله عظيم! خلق كل شيء بحكمته وعدل.

صدق الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الـذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:3-4] ، صدق الله الذي لا تأخذه سنة ولا سهد، لا إله معه ولا يشركه أحد، لا يعجزه في الأرض رقم ولا عدد.

سبحانه من إله عظيم! سبحانه من إله رحيم!

صدق الله الذي عز فارتفع، وعلا فامتنع، وذلَّ كلُّ شيء لعظمته وخضع، وأمسك السماء فرفع، وفرش الأرض ووسع، وفجر الأنهار فأنبع، ومرج البحار ونزع، وسخر النجوم فأطْلَع، وسخر السحاب فارتفع، ونور النور فلمع، وأنزل الغيث فهمع، وكلم موسى فأسمع، وتجلى سبحانه للجبل فتقَطَّع، ووهب ونزع، وضر ونفع، وأعطى ومنع، وسنَّ وشرع، وفرَّق وجمع، وأَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ [الأنعام:98].

صدق الله العظيم التواب، الغفور الوهاب، الذي خضعت لعظمته الرقاب، وذلت لجبروته الصعاب، وخشعت لِمَلَكوته الرقاب، واستدل بصنعته أولو الألباب، ويسبح الرعد بحمده والسحاب، والبرق والسراب، والشجر والدواب، مسبب الأسباب، ومنزل الكتاب، وخالق خلقه من تراب، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ [غافر:3].. لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد:30] .

صدق من لم يزل جليلاًَ، صدق من حُسب به كفيلاً، صدق الهادي إليـه سبيلاً، صدق الله وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً [النساء:122] ، صدق الله وصدق أنبياؤه.

صدق الله الواحد القدير، الماجد الكريم، الشاهد العليم، الغفور الشكور الحليم، قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ [آل عمران:95] .

صدق الله ذو الجلال والإكرام، والعظمة السلطان، له الأفعال الكرام، والمواهب العظام، والإفضال والإنعام، والكمال والتمام، يسبح له الملائكة الكرام، والبهائم والهوام، والرياح والغمام، والضياء والظلام، وهو الله الملك القدوس السلام، ونحن على ما قال ربنا جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وجلت آلاؤه، وشهدت أرضه وسماؤه، ونطقت به رسله وأنبياؤه شاهدون، شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ [آل عمران:18-19] ، ونحن بما شهد الله به والملائكة وأولو العلم من خلقه شاهدين، يا رب العالمين!

سبحان الله الملك القدوس المطاع! سبحان الله عدد ما دعا لله داع! سبحان الله عدد ما سعى في الأرض ساع!

سبحان الله عدد ما صلى عبد وكبر! سبحان الله عدد ما سال دمع وغمر! سبحان الله عدد ما أصبح الصبح ونوَّر! سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر!

سبحان الذي في السماء عرشه! سبحان الذي في الأرض سلطانه! سبحان الله الذي في البحر سبيله! سبحان الذي في الجنة رحمته! سبحان الذي في جهنم سطوته! سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر!

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا برحمتك واصرف عنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذِلُّ من واليت، ولا يعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، نستغفرك اللهم من جميع الذنوب والخطايا ونتوب إليك.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم بلغنا ليلة القدر.

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم اجعلها ختمةًَ مباركة، وتلاوة نافعة، يا رب العالمين! اللهم أدخلنا بها الجنات، وآتنا بها الدرجات، وكفِّر بها عنا السيئات، واغفر لنا يا مولانا بها الزلات، يا رب العالمين!

اللهم قد حضرنا ختم كتابك، وأنخنا مطايانا ببابك، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إلهنا، إن تركتنا فمن الذي يؤوينا؟! وإن أبعدتنا فمن الذي يقربنا؟! إلهنا، ذنوبنا إليك صاعدة، ورحمتك بنا نازلة، يا رب الأرباب! يا ملك الملوك!

اللهم هذا الدعاء، وهذه المناجاة، وهذا البكاء، وهذه الصلاة، وهذا ختام رمضان، اللهم اختم لنا شهرنا برضوانك، والعتق من نيرانك، يا رب العالمين!

اللهم اجعلنا ممن صام وقرأ القرآن فارتفع به القرآن في أعلى الجنان، ولا تجعلنا ممن قرأ القرآن وزَجَّ القرآنُ به في النار، يا رب العالمين!

اللهم أنت الغني ونحن الفقراء، وأنت القوي ونحن الضعفاء، اللهم إنا ندعوك دعاء المساكين، ونرجوك رجاء الخائفين، رجاء من كثرت ذنوبه، وقلَّت حسناته، وألجمته خطاياه، ولم يجد إلا أنت راحماً، ولم يجد إلا أنت ناصراً، يا أرحم الراحمين! يا رب العالمين! يا واسع الفضل! يا واسع المغفرة!

إلهنا، لو غلبت ذنوبنا عنان السماء ما يئسنا من رحمتك. اللهم اعتق رقابنا ورقاب آبائنا من النار.

اللهم اكتبنا في عليين، وآتنا كتابنا باليمين، يا رب العالمين! اللهم أظلنا تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، ولا باق إلا وجهك، واسقنا من حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم لا تجعلنا من عُبَّاد رمضان، واجعلنا من عِبَادك يا رب العالمين.

اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامه وقيامه، وغفرت له زلاته وآثامه، وأمَّنْته الروع يوم القيامة، وحرَّمت على النار جسده وعظامه، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب غمومنا. اللهم علمنا منه ما نَسِينا. اللهم اجعله شفيعاً لنا يوم القيامة، يا رب العالمين!

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، يا رب العالمين! اللهم انصر إخواننا في البوسنة والهرسك، يا رب العالمين! اللهم ثبت أقدامهم. اللهم قوِّ عزائمهم. اللهم صبرهم على مصيبتهم. اللهم تقبل شهداءهم. اللهم إنا نلتمس عذرنا إليك فيهم، يا رب العالمين!

اللهم إنا لا نملك إلا الدعاء، فهذا دعاؤنا لإخواننا. اللهم انصرهم على عدوهم، ولا تحرمنا أجر جهادهم، يا رب العالمين!

اللهم عليك بالصرب الحاقدين. اللهم مزقهم كل ممزق. واجعلهم آية لغيرهم يا رب العالمين! اللهم احشرهم مع هامان وفرعون، يا رب العالمين! اللهم اجعلهم عبرة للطغاة والمجرمين، يا رب العالمين! اللهم انصر المسلمين المستضعفين، يا رب العالمين! اللهم أخرج الدعاة من سجون الطغاة والفراعنة، يا رب العالمين!

اللهم لا تفرق جمعنا إلا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وذنب مغفور، وعمل متقبل مبرور، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا شاباً إلا أصلحته، ولا مبتلىً إلا عافيته، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم طهر أعيننا من الخيانة، وألسنتنا من الكذب، وقلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وأموالنا من الربا، يا رب العالمين!

اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك. اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وارحمنا اللهم برحمتك إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.

اللهم ثبتنا إذا نزل بنا هادم اللذات، وانقطعت الذنوب وبقيت الحسرات.

اللهم كن معنا إذا نفخ في الصور، وبعثر ما في القبور، إليك يا ربنا يومئذٍ النشور. اللهم ثبت أقدامنا على الصراط، اللهم نور قبورنا إذا أظلمت علينا القبور، وفارَقْنا منازلنا والقصور، يا رب العالمين!

اللهم كما سترت ذنوبنا وعيوبنا في الدنيا فاسترها يوم القيامة؛ يوم الحسرة والندامة، يوم يرى كل إنسان منا عمله أمامه، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم اجعلنا ممن ينادَى في الآخرة: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24] ، ولا تجعلنا ممن ينادَى فيها: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108] ، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم هذا يوم وداع رمضان، وأنت رب رمضان ورب الشهور كلها، يا رب العالمين! اللهم اجعلنا ممن قبلته في الجنان، وعتقته من النيران، يا رب العالمين!

اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامُ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182] .

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.

الحمد لله الذي خلق الكون فنظَّمه، وخلق الإنسان وكرَّمه، وسنَّ الدين وعظَّمه، ووضع البيت وحرَّمه، ورفع النجم وسوَّمه، وسخر الطير وألهَمه، وسير السحاب وكوَّمه، وبعث العظم ورمَّمه، وأنزل الكتاب وأحكَمه، ورفع القمر وقوَّمه، وخلق النحل وفهَّمه، وحفظ إبراهيم من النار وسلَّمه، ونادى موسى وكلَّمه، ووهب سليمان ملكاً وفهَّمه، وأرسل محمداً بالحق وعلَّمه.

سبحانه ما أعلى مكانه وأعظَمه! وما أكثر جوده وأكرَمه! وأعزَّ سلطانه وأقدَمه! وما أعظم لطفه وأرحَمه! سبحانه من إلهٍ حليمٍ ما أعظَمه!

صدق الله العظيم الذي أمات وأحيا، وأضحك وأبكى، وأنزل الماء وأجرى، وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى [النجم:49] ، له الحمد في الآخرة والأولى، وله الحمد ما أعطى وما أهدى، وهو الذي أخرج المرعى، وله المآل وإليه المنتهى، وعد المؤمنين المتقين جنة المأوى، لهم ما يشاءون فيها خالدين، وعد الله ومن أصدق من الله وأوفى، لهم فيها من الحور عين وخمر مصفى، لا يكدر ساكنها ولا يشقى، ويشرب من حوض النبي ويهنى، هذا جزاء من أحسن واتقى، وأما من طغى، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:38-39] لهم فيها عذاب شديد لا يُقْوَى، يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً [الطور:13] يوم يسحبون على وجوههم إلى نار جهنم وبئس المثوى، لهم طعام من غسلين، وشجرة الزقوم لهم حلوى، لهم فيها من الحيات والآفات ما لا يزول ولا يفنى، لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [المائدة:80] وغضب عليهم وجعل النار لهم مأوى.

فيا لخسارة مَن تكبَّر على ربه وغوى! ويا لندامة من عتى عن أمر ربه وطغى! وسبحان الله الذي لا ينام ولا ينسى! وسبحانه حي قيوم لا يموت ولا يبلى!

صدق الله العظيم الكبير المتعالي، صدق الله الذي لا تعجزه ظلمات الليالي، صدق الجبار الذي أرسى الجبال العوالي، سبحانه من إلهٍ عظيمٍ يغفر الذنوب ولا يبالي! لا إله إلا الله! بها نحيا وبها نموت، وبها نلقى الله، وبها نوالي.

صدق الله العظيم القديم الأزل، يغفر الذنب ويعفو عن الزلل، تنزَّه مولانا عن النقص والعلل، جبار قوي لا يكل ولا يمل، بسط الأرض بقدرته وأرسى الجبل، خلق السماوات والأرض بالحق ولم يتركنا في همل، لا يعزب عنه مثقال ذرة في واد أو سهل، سبحانه من إله عظيم! خلق كل شيء بحكمته وعدل.

صدق الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الـذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:3-4] ، صدق الله الذي لا تأخذه سنة ولا سهد، لا إله معه ولا يشركه أحد، لا يعجزه في الأرض رقم ولا عدد.

سبحانه من إله عظيم! سبحانه من إله رحيم!

صدق الله الذي عز فارتفع، وعلا فامتنع، وذلَّ كلُّ شيء لعظمته وخضع، وأمسك السماء فرفع، وفرش الأرض ووسع، وفجر الأنهار فأنبع، ومرج البحار ونزع، وسخر النجوم فأطْلَع، وسخر السحاب فارتفع، ونور النور فلمع، وأنزل الغيث فهمع، وكلم موسى فأسمع، وتجلى سبحانه للجبل فتقَطَّع، ووهب ونزع، وضر ونفع، وأعطى ومنع، وسنَّ وشرع، وفرَّق وجمع، وأَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ [الأنعام:98].

صدق الله العظيم التواب، الغفور الوهاب، الذي خضعت لعظمته الرقاب، وذلت لجبروته الصعاب، وخشعت لِمَلَكوته الرقاب، واستدل بصنعته أولو الألباب، ويسبح الرعد بحمده والسحاب، والبرق والسراب، والشجر والدواب، مسبب الأسباب، ومنزل الكتاب، وخالق خلقه من تراب، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ [غافر:3].. لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرعد:30] .

صدق من لم يزل جليلاًَ، صدق من حُسب به كفيلاً، صدق الهادي إليـه سبيلاً، صدق الله وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً [النساء:122] ، صدق الله وصدق أنبياؤه.

صدق الله الواحد القدير، الماجد الكريم، الشاهد العليم، الغفور الشكور الحليم، قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ [آل عمران:95] .

صدق الله ذو الجلال والإكرام، والعظمة السلطان، له الأفعال الكرام، والمواهب العظام، والإفضال والإنعام، والكمال والتمام، يسبح له الملائكة الكرام، والبهائم والهوام، والرياح والغمام، والضياء والظلام، وهو الله الملك القدوس السلام، ونحن على ما قال ربنا جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وجلت آلاؤه، وشهدت أرضه وسماؤه، ونطقت به رسله وأنبياؤه شاهدون، شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ [آل عمران:18-19] ، ونحن بما شهد الله به والملائكة وأولو العلم من خلقه شاهدين، يا رب العالمين!

سبحان الله الملك القدوس المطاع! سبحان الله عدد ما دعا لله داع! سبحان الله عدد ما سعى في الأرض ساع!

سبحان الله عدد ما صلى عبد وكبر! سبحان الله عدد ما سال دمع وغمر! سبحان الله عدد ما أصبح الصبح ونوَّر! سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر!

سبحان الذي في السماء عرشه! سبحان الذي في الأرض سلطانه! سبحان الله الذي في البحر سبيله! سبحان الذي في الجنة رحمته! سبحان الذي في جهنم سطوته! سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر!

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا برحمتك واصرف عنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذِلُّ من واليت، ولا يعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، نستغفرك اللهم من جميع الذنوب والخطايا ونتوب إليك.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم بلغنا ليلة القدر.

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم اجعلها ختمةًَ مباركة، وتلاوة نافعة، يا رب العالمين! اللهم أدخلنا بها الجنات، وآتنا بها الدرجات، وكفِّر بها عنا السيئات، واغفر لنا يا مولانا بها الزلات، يا رب العالمين!

اللهم قد حضرنا ختم كتابك، وأنخنا مطايانا ببابك، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إلهنا، إن تركتنا فمن الذي يؤوينا؟! وإن أبعدتنا فمن الذي يقربنا؟! إلهنا، ذنوبنا إليك صاعدة، ورحمتك بنا نازلة، يا رب الأرباب! يا ملك الملوك!

اللهم هذا الدعاء، وهذه المناجاة، وهذا البكاء، وهذه الصلاة، وهذا ختام رمضان، اللهم اختم لنا شهرنا برضوانك، والعتق من نيرانك، يا رب العالمين!

اللهم اجعلنا ممن صام وقرأ القرآن فارتفع به القرآن في أعلى الجنان، ولا تجعلنا ممن قرأ القرآن وزَجَّ القرآنُ به في النار، يا رب العالمين!

اللهم أنت الغني ونحن الفقراء، وأنت القوي ونحن الضعفاء، اللهم إنا ندعوك دعاء المساكين، ونرجوك رجاء الخائفين، رجاء من كثرت ذنوبه، وقلَّت حسناته، وألجمته خطاياه، ولم يجد إلا أنت راحماً، ولم يجد إلا أنت ناصراً، يا أرحم الراحمين! يا رب العالمين! يا واسع الفضل! يا واسع المغفرة!

إلهنا، لو غلبت ذنوبنا عنان السماء ما يئسنا من رحمتك. اللهم اعتق رقابنا ورقاب آبائنا من النار.

اللهم اكتبنا في عليين، وآتنا كتابنا باليمين، يا رب العالمين! اللهم أظلنا تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، ولا باق إلا وجهك، واسقنا من حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم لا تجعلنا من عُبَّاد رمضان، واجعلنا من عِبَادك يا رب العالمين.

اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامه وقيامه، وغفرت له زلاته وآثامه، وأمَّنْته الروع يوم القيامة، وحرَّمت على النار جسده وعظامه، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب غمومنا. اللهم علمنا منه ما نَسِينا. اللهم اجعله شفيعاً لنا يوم القيامة، يا رب العالمين!

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، يا رب العالمين! اللهم انصر إخواننا في البوسنة والهرسك، يا رب العالمين! اللهم ثبت أقدامهم. اللهم قوِّ عزائمهم. اللهم صبرهم على مصيبتهم. اللهم تقبل شهداءهم. اللهم إنا نلتمس عذرنا إليك فيهم، يا رب العالمين!

اللهم إنا لا نملك إلا الدعاء، فهذا دعاؤنا لإخواننا. اللهم انصرهم على عدوهم، ولا تحرمنا أجر جهادهم، يا رب العالمين!

اللهم عليك بالصرب الحاقدين. اللهم مزقهم كل ممزق. واجعلهم آية لغيرهم يا رب العالمين! اللهم احشرهم مع هامان وفرعون، يا رب العالمين! اللهم اجعلهم عبرة للطغاة والمجرمين، يا رب العالمين! اللهم انصر المسلمين المستضعفين، يا رب العالمين! اللهم أخرج الدعاة من سجون الطغاة والفراعنة، يا رب العالمين!

اللهم لا تفرق جمعنا إلا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وذنب مغفور، وعمل متقبل مبرور، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا شاباً إلا أصلحته، ولا مبتلىً إلا عافيته، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم طهر أعيننا من الخيانة، وألسنتنا من الكذب، وقلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وأموالنا من الربا، يا رب العالمين!

اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك. اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وارحمنا اللهم برحمتك إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.

اللهم ثبتنا إذا نزل بنا هادم اللذات، وانقطعت الذنوب وبقيت الحسرات.

اللهم كن معنا إذا نفخ في الصور، وبعثر ما في القبور، إليك يا ربنا يومئذٍ النشور. اللهم ثبت أقدامنا على الصراط، اللهم نور قبورنا إذا أظلمت علينا القبور، وفارَقْنا منازلنا والقصور، يا رب العالمين!

اللهم كما سترت ذنوبنا وعيوبنا في الدنيا فاسترها يوم القيامة؛ يوم الحسرة والندامة، يوم يرى كل إنسان منا عمله أمامه، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم اجعلنا ممن ينادَى في الآخرة:sQoos كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24] ، ولا تجعلنا ممن ينادَى فيها: sQoosاخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ eQoos [المؤمنون:108] ، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم هذا يوم وداع رمضان، وأنت رب رمضان ورب الشهور كلها، يا رب العالمين! اللهم اجعلنا ممن قبلته في الجنان، وعتقته من النيران، يا رب العالمين!

اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامُ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182] .

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.

Publicité
Publicité
najibmuslim
Publicité
Publicité